Monday, May 16, 2011

أفتقد محجوب عبد الحفيظ كثيراً .. .. فمن لمكانه الشاغر فى حياتنا العامة؟ / مقال

لأجل وطنٍ نبيل

بقلم: أبوذر عمر

abuzaromer@yahoo.com



أفتقده الان أكثر و يفتقده الوطن. مكانه لا زال شاغراً فى وجداننا و فى حياتنا العامة. هو من عرفناه جميعاً بصلاته الطيبة التى أنارت الكثير من البقع المظلمة فى دنيانا. عرفت الكثير من الشرائح المهملة الطريق الى الإعلام، و من ثم الى القلوب؛ فكانت الصلات الطيبة بعث للقيم الإنسانية، بللت الجميع بالتعاطف وجددت حنية بالغة الخصوصية كانت و لازالت من أخص خصائص شعبنا مر العصور
اليوم و مع ازدياد مآسى الوطن و انحسار الإنسانية فى الحياة العامة يفتقد الجميع الراحل المقيم محجوب عبد الحفيظ، و رغم المدة الطويلة منذ غياب شمسه، لم يجود علينا الوطن بإنسان يملأ حيز من الفراغ العظيم الذى خلفه رحيله فى حياتنا العامة. فى الوقت الذى تتزايد فيه المآسى و المعاناة و تتفاقم فيه الظواهر السالبة و تبعاتها و ترمى بظلال كثيفة على الوطن، نجد أن إنسان السودان يرحل بسرعة هائلة نحو عوالم من الإنصرافية و اللامبالاة و تجاهل الآخر. فى مثل هذه الحالات من تراجع الإنسانية، يكون الوطن و المواطن فى أ شد الحوجة الى شخصيات عامة تهتم بالشرائح المسحوقة و تعمل على إعلاء القيم الإنسانية و إحياء العواطف الإجابية و ترمم جسور العبور بين فئات المجتمع و مؤسساته. الإنسان السودانى أصيب بشئ من الجمود و ما عاد يحمل بين جوانحه تلكم العواطف الجياشة التى عرف بها؛ و مما زاد من آثار حالة الجمود الوجدانى التزايد المتطرد فى حجم المآسى و الملمات التى عرفت طريقها لهذا الشعب و استوطنت فيه. مما أدى الى فتور التعاطف ( تحن و تبكى لمنو و تخلى منو). فأصبحت ( نحن ذاتنا محتاجين للبحن علينا).. شعار الجميع

فى 12 سبتمبر 1991 فجع الوطن بوفاة هذا الرجل الإنسان، فخلفه د/ فيصل محمد مكى فى حمل راية الصلات و الذى فارقنا بدوره بعد وفاة شقيقه محجوب بفترة قصيرة و الشعب فى أمس الحوجة لقبس الإنسانية الذى أضئ بهما. مما لاشك فيه أن ما يعانيه الشعب من ظروف إقتصادية و سياسية و إجتماعية قاهرة الان أكبر بكثير من طاقة تحمله. لذا وجب أن ينبرى للعمل الإنسانى الخالى من الغرض ( المكاسب السياسية و الشخصية ) أشخاص – أكثر من فرد- حتى يتسنى أن تمد جسور الحب و الخير بين الأفراد و المؤسسات من جهة و المواطنين الأقل حظاً ( الفقراء، المرضى، اللاجئين....وغيرهم ) و يجب أن نؤكد على أن العمل العام الإنسانى يحتاج الى عدد من الأشخاص فى الإعلام المرئ و المسموع و ذلك لإتساع دائرة الحوجة. بالقليل من الجهد حين ننظر نجد أن الفقر قد إستشرى بصورة يصعب و صفها، فأصبحت هنالك قطاعات كبيرة من المجتمع تعانى من صعوبة إجاد التمويل لتعليم أطفالها بالإضافة لمشاكل العلاج و إرتفاع التكاليف. و لايمكن أن نتجاهل ذكر الإرتفاع المخيف فى أعداد المرضى المصابين بالامراض المذمنة و الأورام الخبيثة و التى ساهمت بدورها فى تحويل شريحة من الاسر متوسطة الدخل الى مربع الفقر الصريح
الفقر المذمن بدوره ساعد فى أن تطفو الى السطح ظواهر أخرى مثل إرتفاع معدل الجريمة، إدمان الخمر و المخدرات، الاطفال اللقطاء ( بصورة خاصة جرائم إغتصاب الأطفال )، التسول، التفكك الأسرى... و غيرها
نستشهد بالمجاعة فى طوكر على إتساع رقعة المعاناة من أقصى الغرب الى أقصى الشرق و من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال. تداخل الفقر، الحرب فى دارفور و الهجرات الداخلية و الخارجية ( مصر و إسرائيل و خلافه ) الى جعل الوطن يسبح فى مستنقع من الأحزان و المآسى و جعل من الضرورة الحتمية أن تكون مثل هذه الشرائح المتأثرة بهذا الطوفان حاضرة فى الإعلام و الوجدان. لابد من أيادى نبيلة تعمل على تطييب الجراح و تجميع أشلاء هذا الوطن و الذى يتمزق نسيجه فى غياب شبه تام لجسور الود و التواصل
فمن لصلات طيبة تعيش حالة يتم، و فصائل من أهلنا تعانى من التجاهل و التناسى و النسيان


No comments:

Post a Comment